|
| الشعر العربي الحديث والمعاصر : الدكتور : خالد الحسين | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
علي الجاموس المدير العام
عدد المساهمات : 185 تاريخ الميلاد : 01/10/1984 تاريخ التسجيل : 13/06/2009 العمر : 40
| موضوع: الشعر العربي الحديث والمعاصر : الدكتور : خالد الحسين السبت أكتوبر 24, 2009 9:54 am | |
| المحاضرة الأولى أولاً : الشعر العربي الحديث والمعاصر قراءة تمهيدية : يمكن لنا أن نقسم تاريخ الشعر العربي الحديث والمعاصر إلى مجموعة مراحل 1- المرحلة التقليدية 2- المرحلة الرومانسية 3- مرحلة الحداثة 4- مرحلة ما بعد الحداثة - ومن الضرورة بمكان أن نعود إلى هذه المراحل ونقدم لها ببعض الملاحظات التي تكشف عن سمات هذه المرحلة أو تلك . 1) المرحلة التقليدية : تبدأ هذه المرحلة من منتصف القرن التاسع عشر وحتى بدايات القرن العشرين , في هذه المرحلة سنجد الشعراء يحاولون محاكاة نموذج القصيدة الجاهلية , أو الأموية , أو العباسية , ولهذا سميت هذه المرحلة بالتقليدية لأنها اعتمدت على محاكاة النموذج القديم , ويمكن لنا أن نمثل بشعر سامي البارودي وأحمد شوقي , وحافظ إبراهيم كنماذج ساطعة على هذه المرحلة . 2) المرحلة الرومانسية : هذه المرحلة انبثقت في الشعر العربي الحديث والمعاصر نتيجة التفاعل , والتثاقف مع الآخر الأوربي , في هذه المرحلة بدأ تأثير الغرب قويا في إنتاج هذا التيار فالرومنسية الشعرية يمكن أن نجد آثارها عند خليل مطران , وجبران خليل جبران , وعند كثير من الشعراء الآخرين اللذين حافظوا على بنية القصيدة العربية التقليدية , ولكن التغيُّر أصاب الموضوعات الشعرية , فبدأنا نجد تلك المشاعر الذاتية , والعواطف الرقيقة التي تمييز الشاعر الرومانسي , نجد كل ذلك في القصيدة الرومانسية , ويمكن أن نستدل على كل ذلك بقصيدة المساء لخليل مطران , أو بالكتابات الشعرية النثرية لجبران خليل جبران . ----------------------------------------------------------------------------- 3) مرحلة الحداثة : هذه المرحلة تشكل منعطفاً خطيراً في تاريخ الشعرية العربية عموماً , وذلك بسبب أنَّ مرحلة الحداثة قامت على نحوٍ فعَّال بإعادة النظر في الإنتاج الشعري في المرحلتين التقليدية والرومانسية بل نستطيع القول : إنَّ لمرحلة الحداثة قد أعادوا النظر في بينية القصيدة العربية على نحوٍ عام ولهذا سنجد أن هذه القصيدة تطيح بالوزن العروضي في خطوطه الأساسية فبدلاً من الاعتماد على الوحدات الكاملة للوزن العروضي فإن الشاعر في قصيدة التفعيلة حاول أن يتلاعب بالوحدات العروضية إذ يمكن للشطر الأول من القصيدة أن يتضّمن وحدتين عروضيتين وفي الشطر الثاني أربعة وحدات عروضية أو خمسة أو ستة وفي الشطر الثالث وحدة عروضية . -------------------------------------------------------------------------------------------
عدل سابقا من قبل علي الجاموس في السبت أكتوبر 24, 2009 10:19 am عدل 2 مرات | |
| | | علي الجاموس المدير العام
عدد المساهمات : 185 تاريخ الميلاد : 01/10/1984 تاريخ التسجيل : 13/06/2009 العمر : 40
| موضوع: تابع للمحاضرة السبت أكتوبر 24, 2009 9:59 am | |
|
وعلاوة على ذلك فإن مرحلة الحداثة قد فجرت سياقاً نصياً جديداً لم يتأسس على السياق النصي للقصيدة التقليدية بقدر ما كان نتاج الإيقاع النفسي للشاعر في علاقته بالعالم وبالثقافة الجديدة التي جاءته من الآخر الغربي , ولهذا سنجد أن قصيدة التفعيلة التي ميزت مرحلة الحداثة هي التي تنطوي على صورة شعرية جديدة , وهذه الصورة تنأى عن الأشكال البلاغية التي كانت سائدة في الشعر العربي والشيء المهم الواضح في هذه القصيدة أنّ الشاعر حاول أن يحرر العلامات ( الكلمات ) اللغوية من معناها القاموسي , ومَنْحِها دلالاتٍ جديدة , وذلك من خلال زجّها في سياقاتٍ لغوية لم يفكر بها الشعراء الأقدمون .
مثلا : يقول محمود درويش في قصيدة يطير الحمام :
لأني أحبك يجرحني المساء
والطرقات إلى البحر تجرحني
وآذان النهار على ضوء زنديكِ يجرحني
ليتني لا أحبُكِ
لأني أحبك يجرحني طائرٌ في السماء البعيدة عطر البنفسج يجرحني
مرحلة ما بعد الحداثة :
وتتمثل هذهِ المرحلة بقصيدة النثر ومن البيِّن والواضح أنَّ هذا المصطلح ( قصيدة نثر) إنّما يشير إلى انعطافٍ ثانٍ في الشعرية العربية , وفي هذهِ القصيدة حاول الشعراء أن يفككوا المبادئ التي انبنى عليها الشعر العربي عموما , وشعر التفعيلة خصوصا . فهذا المصطلح من دلالتهِ أنه يُدمِجُ بين الشعر والنثر , يأخذ الكثير من السمات السردية ويأخذ الكثير من السمات الشعرية , ويتجاوز الإيقاع الشعري المرتبط بالوزن العروضي . ولهذا تتجه قصيدة النثر إلى إحداث الإيقاع عن طريق التكرار والجناسات والتضادات فضلا عن تبئير الأصوات على نحو كثيف , وغالباً ما نعتمد قصيدة النثر على التوازي النحوي في توليد القصيدة . مثال - يقول رياض صالح الحسين : - بسيط كالماء واضح كطلقة مسدس
هذه باختصار المراحل الشعرية الحديثة والمعاصرة التي سنتناولها بالتفصيل في المحاضرات القادمة إن شاء الله
عدل سابقا من قبل علي الجاموس في السبت أكتوبر 24, 2009 10:22 am عدل 2 مرات | |
| | | علي الجاموس المدير العام
عدد المساهمات : 185 تاريخ الميلاد : 01/10/1984 تاريخ التسجيل : 13/06/2009 العمر : 40
| موضوع: تابع للمحاضرة السبت أكتوبر 24, 2009 10:09 am | |
| 1- المرحلة التقليدية : يراد بالشعر التقليدي ذلك الشعر الذي أعقب بدايات النهضة الحديثة في مصر , وظهرت سماته قوية في نهاية القرن التاسع عشر , وبداية القرن العشرين ولكنها سرعان ما ذوت وبهتت خلال الحربين الأولى والثانية ونحن بدورنا نطلق عليه اسم ( الشعر التقليدي ) لأن الشعراء في تلك الفترة حاكوا فيه أنماط الفن القديم , وعظّموا ما ورثوه من التراث العربي , فالتحموا به وعملوا على إحيائه واتخذوه نماذج عليا يحتذونها ويعتدّون بها , ويقيسون عليها ويقتبسون منها , وسواء أحققوا بذلك تطورا في مستوى التعبير الشعري أو أنهم ذابوا في إطار القديم , فإنهم على الأقل ومن زاوية فنية صرفة أعادوا الحياة إلى التراث في نفوس الناس وأرجعوه بكلِّ مشخَّصاته إلى قارئ العصر . ويعد محمود سامي البارودي رائد حركة الإحياء في نطاق الشعر , فقد كان بداية مرحلة جديدة من حياته خلّفت فترة طويلة من الجمود , وبعد ذلك تلقّت هذا الاتجاه التقليدي الإحيائي جماعة من الشعراء حذوا حذوه في موقفهم من التقليد والقديم , هؤلاء الشعراء هم الذين نطلق عليهم الشعراء التقليديون ونقول عن شعرهم أنه شعر تقليدي . أولا – نظرية المعرفة في تيار الشعر التقليدي : إنّ المرحلة التقليدية اعتمدت على نظام معرفي يقوم على البنود التالية : 1- الموضوعية 2- العقلية 3 – الحسّية 4- الثنائية 5- الرؤية السالبة 6 – المحدود والعام ملاحظة : قام الدكتور خالد الحسين بتنزيل مقرر يتكون من ثلاثين صفحة تقريبا وهو تابع للمحاضرة الأولى وهو موجود في مكتبة الأنوار
| |
| | | علي الجاموس المدير العام
عدد المساهمات : 185 تاريخ الميلاد : 01/10/1984 تاريخ التسجيل : 13/06/2009 العمر : 40
| موضوع: المحاضرة الثانية السبت أكتوبر 24, 2009 10:26 am | |
| المحاضرة الثانية ========================================== شعرية القصيدة التقليدية : 1- الموازيات النصية / عناوين ومقدمات وعتبات النص ومرفقات النص / 2- مقدمات الدواوين 3- عناوين الدواوين 4- عنوان القصيدة 5- الخاتمة أولاً ) الموازيات النصّية : - شرع النص الموازي ( The paratext) يحتاز على اهتمام مثير في المقاربات النقدية المعاصرة , بل أضحى يمتلك نظريته الخاصة به في خضّم النظرية الأدبية المعاصرة , ذلك أنّ النص الموازي بمكوناته المتنوعة : العنوان الرئيسي , العنوان الفرعي , العنواين الداخلية , اسم المؤلف , صورة الغلاف , الإهداء , المقدمة , البداية , النهاية , كلمة الناشر , وغير ذلك من العناصر النصية الموازية التي تشكل المحيط الخارجي للنص . أقول : إنّ النص الموازي هو الذي يمنح النص المتن ( الأساسي ) هويته واختلافه وفق ما يشير الناقد الفرنسي الكبير / جيرار جينيت / إذ يرى أنّ الموازيات النصّية تحيط بالنص وتحدده , وبعبارة أدق ( فهي موجودة لتقديمه إلى القراء وبالتالي فإن الموازيات النصية تؤكد وجود النص في العالم لحظة تلقيه واستهلاكه ) وهكذا يغدو النص الموازي الوسيلة التي تمكن نصا ما أن يغدو كتابا بذاته ويقدم نفسه للقارئ . هذه الوظائف التي يتمتع بها النص الموازي تـُسبِغُ الكائنية على النص من جهة , كما أن إحاطته بالنص عبر عناصره يُشكل ما يسمى في النقد المعاصر ( عتبات النص ) هذه العتبات هي التي تقود القارئ إلى جغرافية النص وتضاريسه , وتمنحه مفاتيح الاستكشاف الاستغوار بمجاهيل النص , وإضاءة مناطقه المعتمةِ عبر حزمة من الأسئلة الحرجة التي تفجرها عناصر النص الموازي أثناء فعل القراءة وهذا من جهة أخرى , وهنا نشير إلى أنّ عنوان القصيدة العربية لم يأتِ إلاّ في القرن العشرين , والقرآن الكريم : هو أول نص عربي ورد بعنوان . | |
| | | علي الجاموس المدير العام
عدد المساهمات : 185 تاريخ الميلاد : 01/10/1984 تاريخ التسجيل : 13/06/2009 العمر : 40
| موضوع: تابع للمحاضرة السبت أكتوبر 24, 2009 10:29 am | |
| ثانياً ) مقدمات الدواوين : لنبدأ بمقدمة ديوان أحمد فارس الشدياق ( تـ1887م ) & يكتب هذا الشاعر والكاتب مايلي : ثم إنّ نظم الشعر وإن أمكن تعريفه بأن يقال إنّه ملكة يقتدر بها الإنسان على تصوير معانٍ في ألفاظ مناسبة ففي الغزل يستعمل ألفاظاً رشيقة متأنقة , وفي الحماسة يستعمل ألفاظا جزلة فخمة , وفي الرثاء يستعمل ألفاظا محزنة إلى غير ذلك من مقتضيات الأحوال , وإلاّ أنّ الصعوبة هنا تكون في سبك المعاني في قوالب الألفاظ ما يثير الانتباه في محاولة الشدياق هو تعريف النوع الشعري لكن هذا التعريف على ما يبدو يعاني من تحكم ثنائية اللفظ والمعنى التراثية في فكره الشعري أو النقدي كما لو أنّ هناك فاصلاً بين المعنى من حيث هو كينونة وجوهر ثابت في قاع الشاعر , واللفظ بوصفه التجسيد الحسي للمعنى صوتاً وكتابه , فاللفظ وفق مقدمة الشدياق لا وظيفة له سوى الكشف عن هيئة المعنى , ومن هنا نجد أنّ الثقافة العربية في شكلها الكلاسيكي إنّما تفضل المعنى على اللفظ , وتمنحه الأسبقية في الوجود , ومن هنا يغدو المعنى هو الطرف الأساسي , واللفظ هو الثانوي , ولكن ينبغي لنا في الوقت ذاته أن ندرك أن هذا الشيء الأساسي أي المعنى لا يمكنه أن يتمظهر إلى الوجود إلا من خلال اللفظ الأمر الذي يقوّض فكرة أساسيتةِ المعنى من حيث هو جوهر مكتفٍ بذاته , ولكي يتجسد المعنى لا بد له من اللفظ , أي لا بدّ له من هذا الشيء الثانوي الذي نسميه اللفظ , بيد أننا نلاحظ أنّ أحمد فارس الشدياق يُحدث إنعطافه في تعريفه للشعر فيقول : وبالجملة فإن الشعر يشبه الجمال في كونه لا يحدُّ ولا يُعرفُ ولا يكتَّفُ ولا يوصف , فإن هو إلاّ سرٌّ أودعه الله في قلب من يشاء من عباده نستنتج من ذلك : أنّ الشاعر الكلاسيكي أو التقليدي على معرفة باستمالة الشعر على التحديد فهو بذلك يماثل الجمال الذي لا حدود له فالشعر بهذا المفهوم أو المماثلة عَصيٌ على التعريف , وهذه نقطه تُسجَّل لصالح الشاعر الكلاسيكي . - ولكن ماذا يقول محمود سامي البارودي ( 1839-1904) في مقدمة ديوانه عن تحديده للفن الشعري يقول : وبعدُ فإنّ الشعر لمعه خيالية يتألف وميضُها في سماء الفكر فتنبعث أشعتها إلى صحيفة القلب فيفيض بالنور فيتصل خيطه بأسلة اللسان فينفث بألوان الحكمة , ويندرج بها الحالك , ويهتدي بدليلها السالك , خير الكلام ما ائتلفت ألفاظه وائتلفت معانيه , وكان قريب المأخذ بعيد المرمى سليما من وصمة التكلف , بريئا من عشوة التعسف , غنياً عن مراجعة الفكرة فهذهِ صفة الشعر الجيد في هذا المقطع من المقدمة يؤكد البارودي على النور الخيالي للشعر وارتباطه بالعقل والحكمة , وانعكاس هذا النور الحكمي على القلب وانبثاق الصوت بالكلام الحكيم , هذه الصورة المتكاملة الراصدة لآلية الإنتاج الشعري عند محمود سامي البارودي إنما تذكرنا من جديد بتلك العلاقة القديمة بين الشاعر والنبي على الإطلاق لأن مصدر الشعر نور غير حسي ولكنه ليس إلهياً وهنا يحدث الاتصال والانفصال بين الشاعر والنبي. - إن النور صوت يحدث في صدر الشاعر مُتَحَدِّراً من سماء العقل لينبعث كلاماً خياليا خالصا والنص الشعري في هذه الحالة مخصوص بالطبع , ووضوح الخيال , غير أنّه حين يصدر عن شخص كامل الأخلاق وبإرادة من الله يشع نبضه نوراً يهدي المجتمع أو القارئ . يمكننا الآن أن نقدم الخطّاطة التالية لمفهوم الشعر عن محمود سامي البارودي : 1- مصدر الشعر نور غير حسي 2- الشاعر طاهر النفس 3- النص الشعري = ائتلاف الألفاظ وائتلاق المعاني 4- المستمع أو القارئ = السالك في الليل ولو دققنا في قول سامي البارودي على نحوٍ أعمق سنجد ذلك التقاطع التناصّي مع عناصر نظرية عمود الشعر للمروزقي وهي عام ( ت421 هـ ) والتقاطع التناصّي هو عندما تكون علاقة بين نص لاحق ونص سابق عليه في الزمان سواء أكانت هذه العلاقة لفظية أم معنوية . وتتكون نظرية المروزقي من النقاط التالية : 1- شرف المعنى وصحته 2- جزالة اللفظ واستقامته 3- الإصابة في الوصف 4- المقاربة في التشبيه 5- التحام أجزاء النظم والتئامها على تخيّر من لذيذ الوزن . 6- مناسبة المستعار منه للمستعار له 7- مشاكلة اللفظ للقافية والمعنى حتى لا يكون هناك تنافر وبالتمعن في هذه النظرية نجد أن المرزوقي يطالب الشاعر بكلام واضح لا لبس فيه , كلام سيقترب كثيرا من الاستعمال العادي للغة وهذا ما يرفضه الشعراء جملة وتفصيلاً لأن الشاعر لا يكون شاعراً عظيماً إلا حين يخترق الاستعمال اليومي للغة بل إنّه يهتك هذا الاستعمال باستعمالات لغوية مفاجئة للحس السليم الذي يطبع الاستعمال اليومي للغة | |
| | | علي الجاموس المدير العام
عدد المساهمات : 185 تاريخ الميلاد : 01/10/1984 تاريخ التسجيل : 13/06/2009 العمر : 40
| موضوع: رد: الشعر العربي الحديث والمعاصر : الدكتور : خالد الحسين السبت أكتوبر 24, 2009 10:33 am | |
| ثالثا ) عناوين الدواوين : يأتي العنوان ليكون العتبة الأخطر من جملة عتبات النص المذكورة آنفاً , في علاقته بكلٍ من النص والقارئ فهو وهب النص كينونته بتسميته وإخراجه من فضاء الغفل إلى فضاء المعلوم , حيث إنّ النص لا يكتسب الهوية ويحوذها في العالم إلا بالعنونة أو التسمية , والعنونة : حدث يجعل المكتوب قابلا للتداول والحياة . ومن هنا تكمن خطورة العنوان وقوته بالفتك بالمجهول وإنجاز حضور النص بوصفه حدثاً يقع في اللغة واللغات . فعندما تسمى اللغة الموجودة لأول مرة فإن تسمية من هذا النوع تحمل الموجود إلى الظهور والحضور , وبذلك يرتهن ظهور النص بتسميته بعنوان ما ليكون هويته وتحديداً واختلافاً له في العالم كما يقول الفيلسوف الألماني / مارتن هايدر / . وعلى صعيد العلاقة مع القارئ يمثل العنوان الدليل الذي تقود القارئ إلى النص فيتخذ دور المصيدة التي يضعها الشاعر لاصطياد القارئ أو أنّ العنوان يلعب دور الثريا التي تضيء دهاليز النص ومضاءاته إذ إنّ العنوان يضيء الطريق التي ستسلكه القراءة , وهو بذلك يكوّن العلاقة التي يهتدي بها المسافر أو القارئ في ليل النص , وبناءً على ذلك يمكننا المضي قدماً نحو تعريف العنوان تبعا لمؤسس علم العنونة / leo hoek / ليوهوك , الذي يحدد العنوان بوصفه : مجموع العلامات اللسانية التي يمكن أن ترسم على نصّ ما من أجل تعيينه , والإشارة إلى المحتوى العام للنّص , وكذلك لجلب القارئ إليه . لنأخذ الأمثلة التالية من عنوانين المرحلة التقليدية : 1- ديوان البارودي مجلد ( 1- 2 ) جزءين في كتاب واحد 2- الشوقيات ( 1, 2 ,3 -4 ) ينتمي لأحمد شوقي 3- ديوان الجواهري 1 , 2 , ....... وترمز هذه الإشارة ( , ) أن المجلدين منفصلين . وترمز هذه الإشارة ( - ) إلى أن الجزءين متّصلين . 1- لو أخذنا المثال الأول ديوان البارودي ( 1- 2) سنعرف من المصادر أن البارودي هو الذي اختار هذا العنوان ( ديوان البارودي ) بعد عودته من المنفى عام ( 1900 ) 2- أمّا عنوان الشوقيات فيعود إلى أيام إقامة أحمد شوقي في باريس وصلته الحميمة بالأمير شكيب أرسلان ( 1892 م ) والأمير شكيب أرسلان عالم باللغة العربية من جبال لبنان . يقول أحمد شوقي حرفياً : جمعتني باريز بأيام الصبا بالأمير شكيب أرسلان وأنا يومئذٍ في طلب العلم والأمير حفظه الله في التماس الشفاء , فانعقدت بيننا الألفة بلا تكلف وكنت في أول عهدي أنّظم القصائد الكبرى وكان الأمير يقرأ ما يرد عليه منها منشوراً في صحف مصر فتمنى أن تكون لي يوماً مجموعة , ثم تمنى عليّ إذا هي ظهرت أن أسميها ( الشوقيات )
3- أمّا ديوان الجواهري فقد صدر لأوّل مرة عن مطبعة النجاح ببغداد عام ( 1948 ) بهذا العنوان (( ديوان الجواهري )) وإذا خرجنا من تأريخ هذه العناوين يمكننا أن نقول إنّ البارودي والجواهري يعتبران مُرسِلا العنوان / أي وضعا العنوان / على عكس أحمد شوقي الذي يعود عنوانه إلى شكيب أرسلان ليكون مُرسِلا للعنوان . - لكن لو حللنا هذه العناوين بطريقة أخرى نجد في هذه الأمثلة نمطين من العنونة فالنمط الأول والثالث نجد فيه أن العنوان مكوّن من العلامة الدالة على التعيين الجنسي .( مصطلح الديوان ) أي أن كلمة الديوان تدل على النوع الشعري / أي تعين جنس النص الأدبي الذي هو شعر . والمكوّن الثاني هو اسم الشاعر البارودي والجواهري , وهذا النمط من العنونة قديم في الشعرية العربية وسار عليه كل من أبي عمر الشيباني والأصمعي . وابن حبيب , وثعلب , والطوسي , وابن الأنباري , بالنسبة لشعراء الجاهلية والإسلام , وهذا يعني أن ّ هذا النمط يمتلك تاريخاً عريقاً متأصّل منذ القرن الهجري الثاني في الثقافة العربية , ومن هنا نلاحظ البعد التقليدي عند الجواهري والبارودي في عملية التسمية في هذا النوع من العنونة يعرف مرسل هذا النمط من العنوان نوعية المرسل إليه ( القارئ ) وهذا المرسَل إليه هو جمهور القرّاء الذين يرغبون بالحصول على كامل الشعر الصادر في الديوان وكامل ما أنتجه الشاعر إلى حين صدور الديوان على نحو عام . ووظيفة العنوان في هذا النمط من العنونة هي الوصل بين التعريف الأجناسي للشعر المنشور , والبعد التربوي للعنوان الذي يتأطّر باسم الشاعر المعروف عادة بين القُراء المتتبِّعين لشعره , وهنا يطرح سؤال : لماذا ولدت القصيدة العربية بدون عنوان : والجواب : هو أنّ القصيدة في المراحل الأولى كانت مقترنة بالشاعر فالشاعر هو الذي يقول قصيدته وتنتشر بين الناس , ومن هنا جاء العنوان ليغطي غياب الشاعر بعد انتشار المطابع والطرق الحديثة في النشر . أمّا النمط الثاني والمتمثّل في الشوقيات فجهاز العنوان في هذا الكتاب يخلو من التعيين الأجناسي ويحتفظ العنوان بعلامة واحدة مركبة من اسم الشاعر وإضافة تاء التأنيث إلى اسم الشاعر الذي أصبح معرفا بالألف واللام وبذلك نقرأ في الكلمة الواحدة اسم الشاعر وقصائده شوقي ........نسبة لأحمد شوقي والتاء : نسبة إلى قصائده ويبدو لي أنّ هذا النمط من العنونة متداول في الثقافة العربية القديمة وإن كان نادرا بالمقارنة مع النمط الأول فهو يذكرنا على نحو تناصّي بروميات أبي فراس الحمداني , والأصمعيات , والمفضليات , وحجازيات الشريف الرضي , ولهذا النمط وظيفتان بارزتان هما : الوظيفة التربوية التي يؤديها اسم الشاعر , والوظيفة التقيمية التي نستخلصها من نسبة القصائد إلى اسم الشاعر المشهور . | |
| | | علي الجاموس المدير العام
عدد المساهمات : 185 تاريخ الميلاد : 01/10/1984 تاريخ التسجيل : 13/06/2009 العمر : 40
| موضوع: تابع للمحاضرة السبت أكتوبر 24, 2009 10:35 am | |
| رابعا ) عنوان القصيدة : سنأخذ الأمثلة التالية : 1- ( وقال يذكر أيام الشباب ) وهو عنوان لمحمود سامي البارودي . 2- ( نكبة دمشق ) لأحمد شوقي . 3- ( يا دجلة الخير ) لمحمد مهدي الجواهري , هذا الشاعر العراقي الذي عاش ردحاً طويلاً من الزمن في سورية . أولا} بالنسبة لعنوان البارودي , نجده يتكون تركيبياً من : أداة وهي الواو + فعل قال + فعل يذكر+ مفعول فيه + مضاف إليه وواضح أنّ هذا العنوان ليس من عند البارودي الذي غالباً ما تسْكت قصائده عن عناوينها وبالتالي نجد في ثنايا الديوان علامات دالة على العنوان من مثل - قال – وقال – أو قال يصف الربيع من هنا نجد أن المسافة كانت كبيرة بين البارودي و استراتيجة العنونة في القصائد , فقصائده غفل من العنوان ( أي لا عنوان لها مما يؤكد سطوة القصيدة التراثية على الشاعر هذه القصيدة التي ولدت أصلاً دون عنوان ثانيا } أما بالنسبة للعنوان الثاني ( نكبة دمشق ) لأحمد شوقي يتشكل نحوياً من مضاف + مضاف إليه وهو تركيب يتكرر كثيرا في عناوين أحمد شوقي مثل ( نهج البردة , ذكرة دنشواي ) وثمت تراكيب أخرى في ديوانه من مثل ( حف كأسها الحبيب ) , ( سلام من صبا بردى ) , ( يانائح الطلح ) . وهذا يشير إلى أنّ أحمد شوقي بدأ يتلمس طريقه إلى القصيدة المعنونة وهو بهذا يختلف أو يتجاوز سامي البارودي في هذا المضمار . ثالثا } أما بالنسبة للجواهري نجد أنّ العنوان ينتظم وفق بنية تركيبية آتية ( أداة النداء + منادى مضاف + مضاف إليه ) ويلجأ الجواهري إلى تراكيب أخرى لعناوينه ( يا فراتي ) , أيّها المتمردون , دجلة في الخريف , تحرك اللحد – سلام عيد النضال ) والملفت للانتباه في ديوان الجواهري هو انحياز الشاعر إلى إثبات العنوان ( عنوان القصيدة ) وتحت العنوان نقرأ عناوين فرعية هي تاريخ ومكان النشر , وفي حالات نادرة تاريخ قول القصيدة إلى جانب تاريخ النشر المطبعي . وآخيراً : لو دققنا في العناوين الثلاث لوجدنا أنّها تحقق الوظيفة الإيحائية للنص في عنوان البارودي , وموضوع النص في عنواني / أحمد شوقي والجواهري , نكبة دمشق , يادجلة الخير / ومع ذلك يبقى العنوان بعيداً في الحالات الثلاثة عن تحقيق وظيفته الجمالية الشعرية الأدبية وبالتالي يفشل العنوان في لفت انتباه القارئ إليه بوصفه خطاباً له جمالياته وبنائه الخاصّة به . انتهينا من المرحلة التقليدية والآن سنبدأ بدراسة المرحلة الثانية من تاريخ الشعر العربي الحديث والمعاصر وهي المرحلة الرومنسية :
المرحلة الرومنسية في الشعر الحديث : 1- حول الرومنسية 1- 1 المصطلح 1-2 التعريف 1-3 مقولات الفكر الرومنسي 2 – نظرية الشعر في الرومنسية 3- تطبيق على قصيدة رومنسية • في البداية الرومنسية اعتمدت على الخيال بديلا عن العقل . | |
| | | | الشعر العربي الحديث والمعاصر : الدكتور : خالد الحسين | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| قصيدة في الدفاع عنالرسول ( ارجو الرد ) | الخميس يونيو 17, 2010 5:47 pm من طرف ايطاليا | عرضي فدا عرض الحبيب محمدٍ *** وفداه مهجةُ خافقي وجَناني
وفداه كلُّ صغيرنا وكبيرنا *** وفداه ما نظرت له العينانِ
وفداه ملكُ السابقين ومَنْ مضوا *** وفداه ماسمعت به الأذنانِ
وفداه كلُّ الحاضرين وملكهم *** وفداه روحُ المُغْرمِ …
| تعاليق: 1 |
اروع ما قيل في مدح النبي | الخميس أكتوبر 15, 2009 1:48 pm من طرف shafi85 | صلي على خير الانام محمد بن عبد الله
1
1 - ريم على القــــــاع بين البان والعلم *** أحل سفك دمى في الأشــهر الحرم
2 - رمى القضــــاء بعيني جؤذر أسدا *** يا ساكن القــاع، أدرك ساكن الأجم
3 - لما رنا حدثتني النفــــــس قائلة *** …
| تعاليق: 2 |
محاولة ثالثة | الخميس يناير 06, 2011 2:26 am من طرف عاشق النحو | الشعر صدر وفي أحضانه هجعت......حمائم الشوق واستغشين بالأمل
الشعر أنس أبيت الليل أرقبه...........وأسترد رفيع المجد بالحيــــــــــــــل
لايعرف الشعر إلا ماهر حذق..........قد عارك الصعب بالأسياف والأســــــل
| تعاليق: 0 |
محاولة ثانية | الأربعاء يناير 05, 2011 9:16 am من طرف عاشق النحو | بنيت بالشعر أسوارا ألوذ بها إذا تسربل جنح الشوق بالملل
وأستظل بغصن الحرف ألمسه فيبسم الغصن ميادا بلا وجل
أرنو بشعري للجوزاء مغتبطا فالشعر يوصل للعلياء والمثل
من شعر عاشق النحو
| تعاليق: 0 |
طاب اللقاء | الثلاثاء ديسمبر 28, 2010 4:05 am من طرف عاشق النحو | ا السلام عليكم:
أ طاب اللقاء على أنحاء نادينا.....وافتر ثغر المنى يروي أغانينا
أكرم بصحبتنافي حضن جامعة....حب العروبة بالإحسان يسقينا
درعا ترفرف في الآفاق معلية......صرح العلوم وبالآداب تحيينا
| تعاليق: 2 |
محاولة شعرية | الإثنين ديسمبر 27, 2010 5:01 am من طرف عاشق النحو | طربت فا نتعشت بالشعر خاطرتي.....لما وصلت إلى صحبي وأحبابي
| تعاليق: 0 |
أعظم قصيدة في تاريخ الشعر | الخميس يوليو 15, 2010 12:17 pm من طرف ايطاليا | بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوانى الكرام
الشعر العربى ملئ بالعديد والعديد من الابداعات
وكنوز الأدب العربى لا تحصى
وحقا لا يمكن تحديدا الافتاء
حول أعظم قصيدة فى الشعر العربى
ولكن فى …
| تعاليق: 3 |
الأعتذار للرسول | الأحد ديسمبر 19, 2010 8:18 am من طرف المهاجر | r
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
متيم إثرها لم يفد مكبول
وما سعاد غداة البين إذ رحلوا
إلا أغن غضيض الطرف مكحول
هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة
لا يشتكى قصر منها ولا طول
تجلو عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت
كأنه منهل بالروح معلول
شجت بذي …
| تعاليق: 1 |
الفرق بين الزوجة الاردنية والسورية | السبت مارس 13, 2010 3:01 am من طرف Silent_Heart | الفرق بين الزوجة الاردنية والسورية
اذا وقع زوجها عن الدرج:
السوريه : ولي على آمتي، سلامتك حبيبي أنشاء الله ، انا ولا انتا ابن عمي ( ميته خوف عليه )
الاردنية : شو مالك دخت ؟ الله ما برمي الناس بحجار خطيتى الله لا يردك …
| تعاليق: 3 |
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع | |
عدد الزوار موقع جامعة درعا | |
المتواجدون الآن ؟ | ككل هناك 11 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 11 زائر لا أحد أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 193 بتاريخ الإثنين يوليو 23, 2012 8:57 pm |
|