كان من عادة المعري رحمه الله أن يذهب لتحصيل العلم في كل من البصرة وبغداد وفي مرة دخل على الشريف الرضي في مجلسه وشاركهم حديثهم الأدبي الذي كان آنئذ حول المتنبي وشعره ، وكان المعري من محبي المتنبي وكان الرضي ممن يكرهونه فقال المعري : يكفي المتنبي فخرا قصيدته :
لكِ يا منازل في القلوب منازل ***................................
فغضب الرضي وقال له : أخرج ياكلب ..
فقال المعري : إنما الكلب من لم يعرف للكلب سبعين إسما ..
وبعد أن خرج المعري من المجلس عاتب جلاس الرضي الرضي وقالوا له ما الذي صنعت لقد أخطأت في حق رجل من كبار الأدباء وهو من هو !! ابن قاضي قضاة المعرة .. فقال الرضي : لقد اساء إلي أكثر مما أسأت إليه .. قالوا لم نرى منه أية إساءة .. قال الرضي : أتدرون لماذا أختار قصيدة المتنبي
لكِ يا منازل في القلوب منازل ** ........................................
مع أن للمتنبي قصائدا أجود منها ، قالوا له : لاندري ..
قال : لأن بها بيت يقول :
وإذا أتتك مذمتي من ناقص *** فهي الشهادة لي بأني كامل ..
فلست أدري بأي هما أعجب !!
من وقتها لزم المعري داره ولم يبارحها حتى غادر دنيانا الفانية ، وقال قولته الشهيرة :
تراني في الثلاثة من سجوني *** ولا تسأل عــــــن الخبر النبيثِ
ففقدي ناظري ولـــزوم بيتي *** وكون النفس في الجسد الخبيث ِ
ـــــــــــــــــ
قيل أن رجلا في الرصافة مر فرأى رجلا وامرأة وسمع الرجل يقول موجها كلامه للمرأة ( وهو لا يعرفها ) : رحم الله ابن الجهم .
فردت عليه فورا : رحم الله المعري . وانصرف كل لحال سبيله ، قال : فلحقت الرجل وقلت له : جعلت فداك ماذا قصدتما بقوليكما ؟
فقال : أردت بقولي قول علي بن الجهم :
عيون المها بين الرصافة والجسر *** جذبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
وأرادت بقولها قول المعري :
أيادارها في الحزن إن مزارها *** قريب ولكن دون ذلك أهوال
فقال الرجل والله لم أدر بأيهما أعجب !!
كاريكاتير شعرية
قيل : أن أحد الشعراء المبتدئين ذهب إلى الشاعر أحمد رامي ومعه قصيدة ليطلعه عليها ويسمع رأيه فيها ، وعندما قرأها رامي هز رأسه وكان صاحبنا في شوق لسماع رأي رامي ، فقال في شغف : خير يا أستاذ ؟ قال له رامي في القصيدة خطأ واحد فقال الشاعر : ممكن نتلافاه ، ماهو الخطأ يا أستاذ ؟ فقال رامي : فيها بيت واحد موزون ، فأدرك صاحبنا مايعني رامي ..
ـــــــــــــ
قيل : أن حافظا خاطب شوقي مداعبا له :
يقولون أن الشوق نار ولوعة *** فما بال شوقي أصبح اليوم باردا
فرد عليه شوقي فورا :
أودعت إنسانا وكلبا وداعة *** فضيعها الإنسان والكلب حافظ
ـــــــــــــــ
كثير ما أجتهد المعلمون بتحفيظ تلامذتهم بيت شوقي الشهير :
قم للمعلم ................ الخ
فجاء شاعر فلسطيني كان يعمل معلما واسمه ابراهيم حافظ وكان قد لقى من مهنته العناء فقال معارضا لشوقي :
شوقي يقول وما درى بمصيبتي *** قم للمعلم وفه التبجـــــــيلا
اقعد فديتك هل يكون مبجـــــــلا *** من كان للنشء الصغار خليلا
لو جرب التعليم شوقي مــــــــرة *** لقضى الحياة تعاسة وخمولا
ويكاد يفلقني الأمير بقـــــــــوله *** كاد المعلم أن يكون رسولا
ثم مضى يعدد كم يلقى المعلم من عناء وهو يلقن طلابه درس النحو
حتى قال :
وأرى حمارا بعد هذا كله *** رفع المضاف وأخفض التفعيلا ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للحميع تحياتي وإلى لقاء آخر بإذن الله .